جواهر خفية في سوق القيصرية

يقع سوق القيصرية على الطرف الشرقي من طريق الملك عبدالعزيز في حي الرفعة في الهفوف، وكل واحد من الأواني الموجودة في محلاتها وأكشاكها يحكي قصة خاصة به تعكس تراث المنطقة العريق في مجال التجارة. وجولة بمرافقة مرشد سياحي يعرف أسرار كل زقاق في المنطقة هي الطريقة المثالية لاكتشاف هذا التراث وكذلك للحصول على صفقة ممتازة.

تاريخ سوق القيصرية

ورغمًا عن الرأي السائد الذي يحدد تاسيس السوق وبناءه عام 1822، فيدعي بعض المؤرخين (وكذلك أناس كثيرون من بين أهالي الأحساء) أن ذُكر سوق القيصرية في بعض الوثائق التاريخية التي يعود تاريخها إلى 600 سنة. ولكن مهما كانت بداياته، لا شك أن هذا السوق (الذي يمتد على مساحة 7000 متر مربع) أحد أقدم أسواق الجزيرة العربية، وأن كل زاوية فيه لها تاريخها الخاص.

كاد دُمّر السوق بسبب حريق عام 2001، ولكنه ما زال موجودًا ومزدهرًا حتى الآن بفضل مشروع لإصلاح بناياته الطينية تم تنفيذه بشكل فوري. ويوجد في السوق أكثر من 400 كشك موزع على متاهة من الممرات المرقمة المليئة بالباعة والمشترين. وأدرجت منظمة اليونسكو سوق القيصرية في قائمة مواقع التراث العالمي عام 2018، مما أثبت أهميته التاريخية والثقافية.

الأقمشة والملابس

وتتدلى مئات العباءات والفساتين من جدران السوق العالية، بينما الأحذية من الجلد المصنوعة يدويًا، والنعال، والنظارات الشمسية، والساعات متناثرة في كل مكان. وأصبح السوق وجهة شعبية للرجال الذين يبحثون عن بشت مصنوع على الطلب لمناسبات خاصة كالأعياد والأعراس. وبالإضافة إلى ذلك، ستجدون أكشاكًا عديدة تُباع فيها عجينة الحناء ومسابح بجميع الألوان والأنماط، وكلتاهما سلعتان شعبيتان.

أكشاك معطرة

تُعد المباخر التقليدية لحرق العود عنصرًا أساسيًا لتجربة الأسواق العربية القديمة، كما تعتبر تذكارًا جميلًا تُزيَّن به البيوت. ستجدون في سوق القيصرية مباخر ذات جميع الأشكال والأحجام، وأنواعًا عديدة من البخور، وسيكون أصحاب المحلات والأكشاك سعداء بمساعدتكم في اختيار نوع البخور الذي يناسب أذواقكم. وعندما تشترون مبخرة، لا تنسوا شراء الفحم.

الأكل والبهارات

خارج المحلات، أكياس ضخمة من الطحين والأرز، وكذلك سلال مليئة بالليم المجفف، والحبوب، والبقوليات تزين جوانب الشوارع. ولا تترددوا في التجول بين أكشاك المواد الغذائية، حيث ستجدون سلعًا كثيرة ستجذب انتباهكم، كالزعفران والتمر الهندي، وماء الورد، والهيل، ودبس الرمان.

تتكون أحدى الوجبات الخفيفة الأكثر شعبيةً بين أهالي الهفوف من السمك والربيان المجففين مع صلصة حارة، وتُباع في عبوات مفرغة من الهواء. إن فتح هذا شهيتكم، فاتجهوا إلى مقهى السعيد في الطرف الشمالي للسوق، حيث سيرحّبون بكم بدلة من القهوة العربية والعديد من الأطعمة المحلية.

تحف قديمة وحرف

سترون في السوق أباريق للشاي مزخرفة بالألوان، قدورًا فخارية وصناديق، وتُستخدم مثل هذه الأواني لتزيين عدة مطاعم تراثية في الهفوف. ولكن ننصح كل محبي التحف التراثية بنزهة قصيرة حول أطراف السوق، .

يعرض شارع الحدادين الواقع في شمال الرفعة حرفة عريقة ما زالت حية في الهفوف، وفي كل دكان، يتفادى الحدادون الشرار وهم يصنعون سكاكين ومناجل وفؤوسًا من أجزاء أنظمة تعليق السيارات القديمة. وفي القرب منها محلات صغيرة يُصلَح فيها كل شيء – من المكانس الكهربائية إلى الساعات – تقدم منظرًا تستحق تصويره.

يقع محل ناجي القطان لبيع التحف القديمة مقابل قصر إبراهيم. وفي كل زاوية من هذا المحل عدد كبير من التحف والحِلى، مما يشبّهه بمتحف بدون لافتات.

ولكن إن كنتم تحتاجون إلى معلومات عن القطع المعروضة، فسيكون الأستاذ ناجي – موظف آرامكو سابقًا – سعيدًا بجواب كل أسئلتكم. ومن بين القطع الموجودة في محله، زجاجات كوكا كولا ذات الـ50 عامًا، نظارات شمسية من صناعة آرامكو، سيوف للزينة، خناجر، أثاث خشبية عتيقة، ومجموعة مدهشة من الفونوغرافات القديمة.

أوقات الزيارة

يفتح سوق القيصرية أبوابه كل يوم الساعة 3 مساء إلى الساعة 1 صباحًا، وكل المحلات والأكشاك تغلق لمدة 30 دقيقة في أوقات الصلاة. إذا أردتم أن تروا السوق في الوقت الأكثر نشاطًا، فإنه من المستحسن أن تزوروه بعد المغرب. تقدم سقوف السوق الخشبية العالية ملاذًا من حرارة الشمس خلال النهار، ونظام تهوية تقليدي يبرد المكان ويجعل زيارته ممتعة. وعند خروجكم من السوق – على الأرجح مع أكياس مليئة بالمشتريات – ستكونون قد اكتشفتم أكثر عن تراث المنطقة الشرقية العريق.

Related Posts
Leave a Reply